" العولمة هو ذلك الدخيل المشهور الذي يفرض عليك " |
تعتبر العولمة قضية شغلت الرأي العام بشكل كبير خلال القرنين 20م و 21م، غير أن بداية هذه الظاهرة تمتد جذورها إلى عصر النهضة بأروبا أي حين حلت الدولة محل الإقطاعية وتطورت مع تطور الرأسمالية _تطور النظام الرأسمالي إلى مرحلته المالية_ خلال القرن 19م، ويرتبط مفهوم العولمة بالكونية والشمولية...
كما يربطها العديد من المحللين بمصطلح الأمركة ويعتبرونهما وجهين لعملة واحدة. العولمة هي تعميم الشيء وإكسابه الصبغة العالمية وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله، وتختلف مفاهيم العولمة حسب اختلاف نوع المجال فهي حسب المجال الاقتصادي الرأسمالي تعني اندماج أسواق العالم في إطار رأسمالي تهيمن عليه مؤسسات مالية كبرى _أمريكية_ حيث يتم إلغاء حدود الدول وتتقلص سيادة الدولة..
باختصار الهدف من العولمة هو السيطرة على كل المجالات وتقليص نفوذ الدول وسيادتها وذلك تحت مبررات سنتعرف عليها في المحور الثاني، العولمة هي عملية استعمارية في طياتها ولكن مغطاة بمبررات أكثر لطفا.
أشكال ومظاهر العولمة :
العولمة الاقتصادية : وتعنى بسيادة النظام الرأسمالي في العالم واعتماد اقتصاد السوق أو ما يعرف بالحرية الاقتصادية _الليبرالية_ وذلك من خلال التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية أو إلغائها وفتح الحدود التجارية بين الدول تحت مبرر إنشاء مناطق للتبادل الحر. ومنه فإن الهدف هو فقدان الدول التحكم في اقتصادها الداخلي والقضاء الصناعات الوطنية ..
العولمة السياسية : وتعني تقلص نفوذ الدولة الوطنية _تفقد التحكم على المستوى الداخلي_ أمام هيمنة القوى الكبرى والمؤسسات المالية الكبرى التي تسيطر وتفرض هيمنتها على السياسة العالمية تحت مبررات منها نشر حقوق الإنسان، السهر على تطبيق القانون الدولي ، نشر مبادئ الديمقراطية ، حماية الإنسانية ...
العولمة الثقافية : ذلك من خلال نشر ثقافة العالم الرأسمالي التي يدعون في أساسها إلى الانحلال باسم التقدم والحرية وربط ثقافتهم وأفكارهم بالتقدم والعصرنة وجعل الثقافات الأخرى محط تزمت وتخلف ومحاولة محييها من خلال تسخير وسائل الإعلام لتصدير هاته الأفكار وتعميم الاستهلاك الرأسمالي .
العولمة التقنية : وذلك من خلال تعميم التقنيات الحديثة كالتقدم الهائل في وسائل المواصلات والثورة التكنولوجية في مجال الاتصال خاصة الإنترنيت والأقمار الصناعية، ويرجع هدفها لتسهيل اندماج الحضارات وإزالة الحواجز بين الدول ويؤدي هذا النوع من العولمة إلى سرعة تبادل المعلومات والخبرات ويعد أيضا الوسيلة الأكثر فعالية لتصدير الأفكار الرأسمالية.
عوامل نشأة العولمة :
مهد لظهور العولمة العديد من الأحداث وهي :
انعقاد مؤتمر بروتن وودز بالولايات المتحدة الأمريكية والذي كان الهدف من خلاله وضع القواعد الجديدة للنظام النقدي العالمي وذلك اعتمادا على معياري الذهب وسعر الدولار .
إنشاء صندوق النقد الدولي IMF_INTERNATIONAL MONETARY FUND_ وهو مؤسسة مالية دولية كبرى تعمل على تثبيت الأوضاع النقدية العالمية وبناء اقتصاد منفتح عالمي بإضافة إلى إعطاء قروض للدول الضعيفة التي تعاني ماليا وذلك مقابل عدة شروط.
إنشاء صندوق النقد الدولي IMF_INTERNATIONAL MONETARY FUND_ وهو مؤسسة مالية دولية كبرى تعمل على تثبيت الأوضاع النقدية العالمية وبناء اقتصاد منفتح عالمي بإضافة إلى إعطاء قروض للدول الضعيفة التي تعاني ماليا وذلك مقابل عدة شروط.
تأسيس منظمة التجارة العالمية OMC" WORLD TRADE ORGANIZATION" وهي منظمة تجارية دولية انبثقت عن اتفاق مراكش 1994 ودخلت حيز التطبيق سنة 1995، وقد حلت محل منظمة الكات وتهدف إلى ضبط التجارة العالمية وتحرير المبادلات التجارية وحل النزاعات بين الدول الأعضاء في المنظمة.
إنشاء البنك العالمي وهي أيضا مؤسسة مالية دولية تتجلى مهامها في تمويل المشاريع التنموية في العالم من خلال إعطاء قروض للدول وذلك مقابل عدة شروط .
تأسيس مجموعة الدول السبع الكبرى G7 سنة 1974 تحت اتفاقية الكات وهي تجمع اقتصادي و سياسي وتجمع الدول الأكثر تصنيعا في العالم _الدول الغنية _ وتحولت بعد ذلك الى G8 بعد انضمام روسيا ، ولكن في سنة 1995 حلت منظمة التجارة محلها .
الفاعلون الرئيسيون في مجال العولمة :
عندما نتحدث عن التحكم وعن من يوجه ويدعم ظاهرة العولمة فإننا سنذهب مباشرة لفاعلين رئيسيين وهو أيضا من كانوا سبب وجودها هم كتالي :
الفاعلون المؤسساتيين : هم القوى الاقتصادية الكبرى ، إضافة الى المؤسسات الدولية كمنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي..
الفاعلون الاقتصاديون : هم الشركات الكبرى متعددة الجنسيات والمستثمرون الكبار إضافة الى المدن العالمية .
" العولمة تحيط بك فقط ارفع رأسك وانظر "
النتائج والتحديات التي تفرضها العولمة على الدول النامية والعالم الثالث :
تطرح العولمة عدة تحديات منها:
* القضاء على الصناعات المحلية الوطنية أمام ضعف القدرة على مواجهة المنافسة الأجنبية ..* فقدان الدول النامية التحكم في اقتصادها وتكريس تبعيتها للدول الأجنبية..* فقدان الهوية الوطنية والمحلية بفعل هيمنة الثقافة الغربية وقيمتها..
* تزايد حدة الفوارق الاجتماعية والطبقية في العالم الثالث ..* اتساع الهوة بين دول الشمال ودول الجنوب النامية ..
إن العولمة هي حركة أنشأها القوى الرأسمالية ودعموها ونشرها قوى كبرى وتخدم مصالح القوى الرأسمالية الكبرى وذلك لرفع حدة التفاوتات داخل المجال العالمي وجعل أنفسهم على رأس القائمة وإقناع جيل بعد جيل بأن كل ما لديهم عالمي محض الصدفة وأن العولمة هي حركة تسعى لتطور العالم وجعله قرية صغيرة ..
إذا أعجبك مقالنا شاركه مع أصدقائك
بالتوفيق ..